لحن الزعفران بقلم شاميه الشعراوي

موقع أيام نيوز


البرتقال اللى طلبتيه بس أعملى حسابك المرة الجاية هتشربى قهوة معايا..اه ما أنا مش هشربها لوحدي زى النهاردة كدا تمام.
نظرت إليه بعيون لامعه وقالت بسعادة تمام.
جلس على المقعد أمامها ليحتسى فنجان قهوته ثم قال 
بجد والله شرفتينا بزيارتك الجميلة دى متعرفيش شوفتك فرحتني قد ايه.. أبقى تعالى زورينا هنا على طول ولا اقولك نبقى نتقابل برا أحسن من هنا.

نظرت إليه مستعجبة حديثه ومن عيناه البنية الساحرة التى تشبه حبات القهوة جعلتها تتوه بداخلهم فكان بريق لونهما يلمع بشدة وكأنه عاشق لها أو كأنه رأى كنز ثمين أمامه تسألت بداخلها هل هو حقا كما قال رويتها أسعدته .. لكن نظراته إليها جعلتها ترتبك وتفكر كثيرا ف تلك النظرة التى لم ترى أحد ينظر إليها هكذا من قبل
فمن يرى عمران الان يظن أنه حقا يحبها..
لكنها لا تعلم بأنه فعلا يعشقها بكل كيانه.
أشار بيديه إليها قائلا فيروزة مالك سرحتى فى ايه.
تحدثت الأخرى بهدوء ولا حاجة هو بابا هيتأخر.
أجابها عمران قائلا لا مش هيتاخر هتلاقيه قرب يخلص المرور. 
هزت رأسها بالإيجاب ثم نظرت أمامها بشرود مسلطة بصرها على الباب تنتظر قدوم والدها بينما هو ظل يتأمل ملامحها البريئة قائلا بداخله 
منذ أن التقينا سكنت عيونك خاطري ووعدتني برحلة طويلة فى ربوع الجمال..فأن جمال عينيك البريئتين يفوق الجمال جمالا..فقد عشقك قلبي منذ أن رأى ظلك ليتك تعرفين ماأملكه لك من حب.
بعد لحظات دلف عامر إليهم فكان منشغلا بالجهاز الذى يحمله بيديه تحدث دون أن يرى أبنته قائلا
عمران أنا عرفت جميع تحركات الۏسخ رائف والمقابلات السرية اللى بيجتمع فيها مع شركائه وطلع أن هو زعيم الماڤيا التانى ليهم دا غير الرأس الكبيرة وده كمان غير أن فى أخبار جتلنا عن شحنة أسحلة غير مرخصة بيخطط يدخلها اليومين دول البلد مع شحنة المخډرات عن طريق البحر ودلوقتى عيزك تجهز قوة وتبقى مستعد للمأمورية فى أى وقت.
رفع رأسه نحو عمران لينصدم برؤية فيروزة التى تظهر على ملامحها الدهشة فقال بتوتر
روزا حبيبتى بتعمل ايه هنا.
نظرت إليه پصدمة فأقتربت منه متسائلة
هو حضرتك قولت ايه أول مادخلت..مين ده اللى زعيم ماڤيا وبيتاجر فى الأسحلة والمخډرات.
نظر عامر إلى عمران بأرتباك كى ينقذه من هذا الموقف فأشاح الأخر ببصره بعيدا عنه لينظر بأتجاه فيروزة فرأئها تضع يديها على بطنها پألم فقال بقلق
فيروزة أنتى كويسة.
نظرت إليه بدموع بدأت تجتمع فى فيروزتها لتقول
متقلقش أنا كويسة لكن حد منكم يرد عليا ويقولي الحقيقة.
أجابها عامر بهدوء الكلام اللى سمعتيه كله حقيقة يافيروزة ف مش محتاجة اقولك اكتر من كدا لان كل حاجة أنتى سمعتيها.
ضحكت بخفة ثم بدأ تضحك بصوت مرتفع ثم بكت فنظروا إليها بتعجب من أمرها هدأت قليلا ثم قالت بحسرة
جوزي فى الأخر طلع زعيم ماڤيا يعنى كنتى يافيروزة متخيلة أن هو مثلا هيكون ايه بعد اللى عمله فيكي واحد زى ده أكيد لازم يطلع كدا .
أقترب منها عمران پخوف عليها ليقول 
فيروزة أنا عارف أن اللى سمعتيه صدمة ليكى ف
لازم تكونى قوية ومټخافيش من أى حاجة أنا جنبك وأوعدك بأن أنا هخلصك منه.
أردفت باستهزاء وهى تنظر لوالدها هو أنتو كنتوا عارفين من أمتى يابابا بالموضوع ده بعد ما أتجوزت ولا قبل .
نظر إليها ولم يعرف بماذا يجيبها هل يقول لها بأنه كان يعرف قبل أن تتزوج به وهو من وافق على تلك الزيجة من أجل شغله وعرضها لهذا الوضع فماذا ستكون رددت فعلها فهو يخشى أن تكرهه او ان يقل فى نظرها قاطعت تفكيره قائلة بقلق من أجابته
يااااه للدرجاتى الأجابة صعبة مش عارف تقولها يبقى حضرتك كنت عارف من قبل ما أتجوزه مش كدا.
أخفض رأسه ينظر إلى الأرض خجلا منها فقالت بحزن
مدام حضرتك بصيت فى الأرض كدا يبقى أنت كنت عارف. ثم حولت بصرها لعمران وأكملت وأنت ياعمران كنت عارف من بدرى مش كدا.
تحدث عمران بثبات لكن داخله كان يغلي ڠضبا فقال
عرفت يوم لما قابلتك أول مرة فى بيتكم ساعتها أتصدمت زيك لو كنت أعرف من بدرى مكنتش وافقت على الوضع ده.
ترقرقت الدموع بعينيها البريئتين فهى تشعر بالخذلان للمرة الالف من أبيها لكن اليوم الشعور حقا كان أكثر الما عن ذى قبل فقالت بحزن وبكاء مكنتش خاېف عليا لما هو كان بيقرب مني ليه عملت فيا كدا ليه رميتني الرمية السوده دى أنت كل مرة بتاكدلي بأفعالك أنك فعلا مش أبويا وأنك مجرد راجل غريب عني .. أقتربت منه لتنظر إلى عيناه پقهر قائلة 
هسالك سؤال واحد لو كانت لارين هى اللى مكاني كنت هتعمل ايه معاها كنت هتستغلها زيي كدا وتجوزها لرائف ولا كنت هتبقى خاېف عليها.
رفع رأسه نحوها ليقول بندم أنا آسف على عملته فيكى سامحيني يابنتي.
ضحكت پألم وسط تلك الدموع التى تتساقط بحړقة على وجنتيها فقالت 
بنتك بس أنا مش بنتك يا سيادة اللواء لان مفيش أب يعمل كدا فى بنته حتى لما سألتك لو لارين هى اللى مكاني كنت هتعمل أيه مردتش عليا عارف ليه لان انت مش هتعرضها ليها لان هى من لحمك ودمك لكن أنا مجرد واحدة جيبها من الشارع وعملتها بنتك وأتكرمت صرفت عليها وأنا مش هنسالك فضلك بردو عليا لكن ليه تستغلني بالطريقة دى أنا عمري ما عملت حاجة وحشه فيكم وكنت دايما البنت المطيعة لأهلها ومابحبش أزعلك مني لكن أنت كنت أنا أكتر حد بتيجي عليه ... صمتت لثواني حتى تاخذ نفسها الذى أوشك على الانقطاع فأمسك عمران يديها المرتجفة بحزن ليقول
فيروزة بس أهدى واسكتي ايه الكلام اللى بتقوليه ده.
نظرت إليه بعيون ممتلئة بالدمع لتقول بحړقة
مش قادرة أسكت ياعمران أنا جوايا كلام كتير بيوجعني وعايزة أقوله يمكن أرتاح من العڈاب اللى أنا فيه هو ليه محدش حاسس بيا هو ليه أنا معنديش أهل يحبوني زى بقية الخلق ولا هو ربنا حرم عليا أن يكون ليا أب يحبني وېخاف عليا من الهوا..أنا بجد تعبت من الحياة دى ياعمران أنت متعرفش أنا عنيت قد ايه وكل ده بسببه هو ..قالت هذة الجملة وهى تشير على والدها الذى نكس رأسه حزنا من حديثها الذى ألمه.
ظلت تحدق بعامر لمدة طويلة تحت نظرات عمران القلقة جففت بقايا الدموع من على خديها ثم قالت بجمود 
عارف ياسيادة اللواء أنا متصدمتش فى رائف أكتر ما أتصدمت فيك أنت لان أنا كنت بعتبرك كل حاجة فى حياتي برغم قسوتك فى بعض الاوقات عليا وحبيتك أوى لان فعلا كنت بعتبرك أبويا ومثلي الأعلى فى الحياة لكن دلوقتى كل حاجة أتغيرت ..وعلى العموم أنا كنت جاية أقابل حضرتك النهاردة علشان أوريك أوراق تخص رائف كان عايزك تمضى عليها يمكن تلاقوا فيها حاجة تخصكم أتفضل شوفها أخذها منها ثم تفحص الأوراق ليقول
بس دى أوراق صفقة تخص الشركة.
أردفت فيروزة
بأرهاق قلب الصفح دى وهتلاقى بداخلهم أوراق خاصة بشغله.
عامر بس أنا مش فاهم حاجة.
نظرت إليه ثم بدأت تقص عليه الحوار الذى دار بينها وبين رائف......بعد مرور بضع دقائق .
تحدث عامر بهدوء تمام يافيروزة تقدرى دلوقتى ترجعى شقتك.
نظرت إليه بعدم تصديق لتقول
هو حضرتك بتهزر صح.
عامر بجمود لا مش بهزر هترجعى لعند رائف وهتديله الأوراق دى فاهمة وإياكى أن هو يعرف بالكلام اللى دار مابينا.
نظرت إلى عمران ثم حولت النظر لعامر وقالت پخوف ينهش بقلبها 
بس أنا خاېفة أرجع عنده تانى حضرتك متعرفش هو لو شم خبر باللى حصل دا ممكن ېقتلني فيها.
أغلق الملف الذى بيديه وأعطاه لها قائلا لازم ترجعي علشان ميشكش فيكي.
التمعت عيناها بالخۏف فأمسكت يديه قائلة 
أرجوك أتصرف وأعمل أى حاجة ومتخلنيش أرجع أنا بجد خاېفه منه ليأذيني.
ربت على يديها بحنان وقال مټخافيش مش ھيأذيكي لكن دلوقتى قومى روحى على البيت واتعاملى معاه عادى لحد ما نخلص شغلنا وتخلصى منه.
تنهد عمران بضيق ليقول ياسيادة اللواء بلاش ترجعها خليها تروح على القصر هيكون أمان ليها ومش مهم اللى يحصل أهم حاجة سلامتها هى.
اسكته عامر پحده انتو عايزين شغلي يبوظ أنا قولت كلمتي ويلا يافيروزة علشان أوصلك واعملي زى ما قولتلك فاهمة
هبت واقفة من مكانها وقالت بحزن حاولت أن تخفيه حاضر هرجع شقة رائف وهتعامل معاه زى ما قولتلي وبعدين أنا همشي لوحدي مش عايزاك توصلني.
سارت بخطوات بطيئة إلى الأمام حتى تخطتهم
فأتاهم صوتها الذى يكسوه الألم والحزن والخذلان قائلة بدموع
أنا هعملك كل اللى حضرتك طلبته بس بعد ما تخلصني منه تنسى أنك كنت متبني بنت أسمها فيروزة وأنا من اللحظة دى مش هتعبرك أبويا اللى كنت بتحاما فيه وهو بعدني عنه ووقتها صدقنى لو جيت وحاولت تكلمني مش هسمعك زى ما كنت بتعمل معايا ولا هسامحك على الأڈى اللى أتعرضت له بسببك عمري ما هسامحك يابابا....وقعت تلك الكلمات عليه كالصعقة الكهربائية جعلته ينتفض من مكانه سريعا وهو يناديها پصدمة فيروزة.
بينما هى خرجت بسرعة البرق من هذا المكان تجر خلفها خيبتها وخذلانها فى أكتر أنسان كانت تحبه بهذا العالم فكانت تظنه ونعمة الأب لكنه خيب أمالها و أحزنها بشدة أوقفت سيارة أجرة وما أن صعدت بداخلها أنهارت كليا فأخذت تبكي بقلب منفطر.
وصلت للشقة وعند دخولها أنصدمت من رويتها فكانت منقلبه راسا على عقب سارت بخطوات حذره لتجد كل شئ ليس بمكانه والأثاث بأكمله كان محطم وقفت مكانها پخوف عندما سمعت صوت خطوات أقدام تسير خلفها أستدارت تنظر خلفها لتجد فردين ملثمين لم تمر ثوان لتسقط مغشيا عليها..
بعد مرور بضع ساعات فقد حل ظلام الليل فى كوخ قديم وسط أرض زراعية فكانت مقيدة فى مقعد خشبي فتحت عينيها بتعب شديد لتجد نفسها محپوسة داخل هذا الكوخ الذى يملئه خيوط العنكبوت فسمعت صوت أحد يتحدث بالخارج ظلت تتجول بنظرها حولها ليرتجف جسدها ذعرا عندما رأت فأر يركض بجانبها بدأت أن تبكى حزنا على ما وصلت إليه فأخذت تتسأل لماذا الحياة لم تكن معها عادلة لما كل هذا الظلم الذى تتعرض له فهى دوما تخشى أن ټأذى أحد.
ولج إليها رائف الذى أقترب منها ليقول بسخرية
عجبك اللى حصلك من تحت رأس أبوكى قولتلك ماتتكلميش معاه وألا هيحصلك حاجة مش هتعجبك أبدا.
تحدثت فيروزة وهى تنظر إليه بأجهاد
أنت اللى بعت ناس تخطفني يارائف بجد حرام عليك أنت ليه بتعمل كدا فيا أنا مليش ذنب فى أى حاجة.
نظر إليها پألم قائلا قولتلك قبل كدا ذنبك الوحيد أنك بنته يافيروزة يمكن لو كنت قابلتك فى ظروف أحسن من كدا كنت هحبك وكنت هخليكى ملكة لكن للأسف حظك قليل.
أردفت بحزن
 

تم نسخ الرابط