غرام بقلم اسما السيد
الفرقعلوز كده واهدي دلوقتي يزيد بيه يونس باشا هنا
....
غمغمت مستنكرة بحنق
انا زي الفرقعلوز يا يونس! من اولها بتسخر مني ومن مشاعري عشان ابنك
مقدرش يا بطتي ربنا يعلم إن فرحتي عشان هو منك انتي!
فرفعت ليال يداها تحيط وجهه الأسمر
متتصورش أنا ازاي كنت بحلم باليوم اللي فيه هتبقى حتة منك جوايا.. مكنتش متخيلة لو كان أبوه حد غيرك كنت هبقى فرحانة ولا لأ!
مينفعش اصلا تتخيلي مجرد تخيل إنه يبقى من راجل تاني انتي ليا انا بس.. في الواقع وفي الخيال انتي ليا انا بس فاهمة
...
انتي نصيبي.. نصيبي الجميل اللي كان متشال ليا بس انا بغبائي كنت ماسك في التقليد وسايب الجمال الأصلي اللي ربنا اختارهولي!
ده عمو قاسم
فاستغفر يونس بصوت منخفض ووالده
يقطع عليه اهم لحظاته التي ېحترق شوقا لها ثم اخبرها بصوت اجش
اه ماهو المفروض كان مستنيني انزله
حينها عادت ليال خطوتان بعيدا عنه وهي تقول مبتسمة برقة
طب خلاص انزل شوفه واهو بالمرة تفرحه بالخبر اللي هو مستنيه
فغمزها يونس بطرف عيناه مرددا بعبث
لتقرر ليال مشاكسته كما فعل بها وأغاظها فهزت رأسها وهي تشير نحو الداخل بدلال فطري
في كيس ژبالة اسود جوه خده وأنت نازل!
لا يا بطتي في فرق بين الاتنين شكلك مش عارفه وأنا هعرفهملك عملي حالا
...
ليسألها بصوت متهدج
ها عرفتي الفرق ولا لأ شكلك معرفتيش وهضطر اوريكي عملي تاني اصلي راجل بحب الإتقان اوي
يابو يزيد!
فهز يونس رأسه مستمتعا برنين تلك الكلمة على اذنيه وبصوت متحشرج مثخن بالعاطفة همس
آآه منك ومن حبك ھتموتي أبو يزيد!
...
بعد اسبوع آخر....
في الولايات المتحدة... تحديدا في احدى المستشفيات...
وقفت فيروز امام غرفة العمليات تعض على أصابعها بتوتر رهيب ويقف بجوارها جمال... جمال الذي لم يبتعد عنها تقريبا منذ أن وصلوا ارض الولايات المتحدة لم تجد هي مفر أمامها سوى طريق واحد اختاره لها القدر... علاج والدتها والفرصة التي يطمح لها جمال... وقد سنحت له الظروف ليكن لها الكتف الذي تستند عليه حينما تميل بها الدنيا... واليد التي ترفعها حينما يسقطها اليأس.. ظل هذان الشهران السابقان يتسلل داخلها ببطء حتى استطاع لدغ قلبها بمشاعره التي استنكرتها هي سابقا ...
تفتكر هتبقى كويسة
اومأ جمال مؤكدا برأسه ليعطيها ذلك الأمل الذي تود أن تراه محلقا بعيناه
هتبقى كويسة باذن الله متفقديش الأمل
اومأت فيروز وهي تنظر نحو باب غرفة العمليات تهمس بصوت مبحوح برجاء
يارب يارب يارب.. انا مليش غيرها يارب لو راحت انا ممكن يجرالي حاجة
ملكيش غيرها كل ده وملكيش غيرها يا فيروز!
فهزت فيروز رأسها بتوتر تنفي
مش قصدي يا جمال أنت عارف
أنا جمبك وهفضل جمبك دايما
لتبتسم فيروز هامسة له بنبرة استوطنها الامتنان
ربنا يخليك ليا !
بادلها جمال نفس الابتسامة الدافئة ليستدير يجلب الطعام الذي أحضره لها ثم مد يده لها بالطعام يردد لها وكأنها طفلته التي يهتم بها
يلا بقا كلي عشان انتي ماكلتيش من الصبح
فهزت فيروز رأسها نافية بملامح متجهمه ثم اخبرته بصدق
مش حاسه اني هقدر اكل دلوقتي يا جمال لما أتطمن على ماما الاول على الاقل
فقال جمال بإصرار وحنان وهو يمسك يداها ليضع الطعام بينهما
مينفعش انتي كده بقالك ساعات طويلة وممكن يجيلك هبوط ينفع مامتك لما تفوق وتقوم بالسلامه يعني تلاقيكي مدروخه ومش فايقه حتى عشان تفرحيلها!
لم تستطع سوى أن ترضخ لإصراره الدافئ الجميل... إصراره الذي إنتزع قلبها نزعا ليغمسه بمزيج من العاطفة التي يكنها لها والحنان المصحوب بالاهتمام ليجعله خاضع تماما لتلك التميمة من العشق والحنان....!
وبعد فترة خرج الطبيب فتركت فيروز الطعام فور لتركض نحوه تسأله بالانجليزية بقلق واضح
هل هي بخير
فأومأ الاخر مؤكدا بابتسامة بشوشة
نعم لقد نجحت العملية!
يأتي العوض والفرصة في آن واحد.. عوض الصبر والعڈاب وفرصة للتوبة.... التوبة من خطايا طواها ضمن صفحة الماضي وقد كانت باسم ذلك العشق!
فكلنا خطاءون لطختنا مغريات الدنيا
بسوادها لتغوينا وتبعدنا عن نعيم الجنة لولا ذلك الستر من الله الذي يفصلنا عن عيون البشر المترصدة... وكلنا مرضى نفسيين... ولكن بدرجات !
ولكن الناجي هو من يتمسك بشراع التوبة لينقذ نفسه من الڠرق بين براثن أمواج الخطايا العاتية....
تعالت ضحكات أيسل مع والدتها فاطمة التي اغدقتها السعادة ما إن اخبرتها أيسل هامسة بأذنها أنها حامل...
مبرووووك الف مبروك يا حبيبتي
فتمتمت أيسل بوجه متورد استوطنته السعادة
الله يبارك فيكي يا مامي
فسألتها والدتها
انتي قولتي لبدر ولا لسه!
فهزت أيسل رأسها نافية وهي تخبرها بهدوء ولازالت بقايا تلك الابتسامة
لأ لسه مجاش من الشغل انتي عارفه إن الشغل متراكم عليه في الورشة بسبب سفرنا للصعيد
بلوم
منا قولتله يشتغل في الشركة يديرها هو وهتبقى أريح له كتير وأحسن لكن هو عنيد
لترد أيسل بجدية فخورة بما هو عليه بدرها الحبيب
هو مرتاح في شغله يا مامي وحاسس إنه لو اشتغل في الشركة بتاعتك ده هيمس كرامته عايز يبقى مستقل ويكبر من غير مساعدة من اي حد
اومأت فاطمة برأسها موافقة بابتسامة حانية وكل يوم يزداد يقينها أنها لن تجد رجلا ك بدر لطفلتها.... رجلا ېعنفها ويقومها حينما تخطئ كطفلة... ويحتويها بحنانه حينما تحتاجه كمراهقة... ويروي انوثتها بشغفه وعشقه الحار الدفين كامرأته...!
ربتت فاطمة على كتف أيسل تخبرها بحزم
يلا طب قومي جهزي نفسك عشان تستقبلي جوزك وتفرحيه ومتنسيش تقوليله إنكم مش هترجعوا شقتكم وهتفضلوا معايا هنا لحد ما تقومي بالسلامة
من عيوني يا احلى طمطم في الدنيا
ثم ركضت نحو غرفتها بحماس وفرحة لا تستوعب حتى التو أن حياة اخرى اصبحت داخلها...!
وبالفعل بعد فترة كانت قد إنتهت من تصفيف خصلاتها الحمراء الڼارية وتعطرت ليفوح عطرها الذي يعشقه في الغرفة ثم جلست على الفراش منتظرة خروجه من المرحاض بعد عودته من العمل...
خرج بالفعل بعد دقائق ليلاحظ بدر السعادة التي أنارت طرقات وجهها بعد حزن غيم فوقها طويلا فسألها مستفسرا
في حاجة يا أيسل!
فاتسعت ابتسامة أيسل وهي تنهض مقتربة منه لترفع إصبعان وتشير له بنبرة حملت حماسا مشټعلا أصابه فتيله
في حاجتين مهمين اوي لازم تعرفهم
فسألها بدر بابتسامة استمدها من ابتسامتها الواسعة
إيه اول حاجة
انا حامل يا بدر
للحظات لم يستوعب ما تقول... حامل... صغيرته تحمل طفله...!
كلما استوعب كلمة كلمة شعر أنه يرفرف بأجنحة السعادة في جنة النعيم... إلتوت تلك الابتسامة على فاهه بعدم استيعاب وهو يسألها
قولتي إيه
فهمست أيسل مستمتعة بالصدمة البادية على وجهه
قولت أنا حامل يا بدر وهتبقى بابا !
فتحركت عينا بدر بتلقائية نحو بطنها وكأنه يود منها التصديق على ما يسمعه ليهمس مبتلعا ريقه بتوتر وقد بدأت الابتسامة تتسرب لشفتاه
يعني بعد كام شهر ممكن تجيبلنا جنية صغيرة!
فضحكت أيسل وهي تومئ مؤكدة برأسها ....
فأغمض عيناه يتوسل واقعه ألا يكون ذلك حلم سيغادره بعد قليل وخرج صوته محتلا بمشاعر شتى وهو يخبرها بصدق
مش مصدق.. مش مصدق إن حتة مني ومنك عايشة جواكي دلوقتي!
فهبطت أيسل لمستواه لتمسك وجهه بين يداها مؤكدة له
لأ صدق يا حبيبي
فسألها بدر بابتسامة مشرقة وقد استل بساط الحماسة والفرحة
والحاجة التانية
أمالت أيسل رأسها وكأنها تفكر ثم أجابت بنبرة حاسمة متأهبه لرد فعله
الحاجة التانية إني قررت أتحجب بقالي كام يوم بقرأ عن الحجاب وقررت أتحجب مينفعش يبقى ربنا بيكرمني وأنا حتى أقل حقوقه عليا مبعملهاش!
إن ظن أنه سعيد فهو الان يطير من فرط السعادة بكلمات بسيطة صغيرته منحته مأوى في الجنة يتظلل بنعيمها....
آآه يا جنيتي لو تعرفي انتي
خلتيني اسعد مخلوق في الدنيا دلوقتي مش عايز اي حاجة تاني من الدنيا !
ثم أمسك بخصلاتها الڼارية التي يعشقها ....ليخرج صوته خشن بهمجية عاطفية وهو يردف
ده أحسن قرار اخدتيه شعرك ده مش من حق اي راجل غيري أنه يشوفه ويستمتع بمنظره من حقي انا بس يا جنيتي!
اومأت أيسل مؤكدة بعينين تلمع فرحة ورضا
لأ يا بيبي الدكتورة قالت مينفعش!
فصاح بدر بتذمر
دكتورة إيه إيش عرفها هي
ثم نظر نحو بطنها لاويا بترفع مصطنع
متفهمنيش غلط جنيتي الصغيرة هي اللي عايزه أبوها يبقى قريب منها !
فضحكت أيسل براحة لتسأله بعدها مفكره
ليه بتقول هي ما يمكن يكون ولد
فهز بدر رأسه بعينان متوهجتان يخبرها
لأ بأذن الله هتجيبلنا جنيات صغيرة مش جنية واحدة كمان!
بعد شهور طويلة.... في المستشفى..
ايسل بتوتر وهي تستمع لصرخات ليال المټألمة من داخل غرفة العمليات بينما بدر جوارها يراقبها وهي تسير ذهابا وإيابا في رواق المستشفى بتوتر رهيب ليضرب كف على كف بسخرية ضاحكا
والله ما عارف مين اللي بتولد انتي ولا هي!
لتزمجر فيه أيسل بغيظ
بس يا عديم الاحساس مش شايفها عماله تصوت ازاي شكلها بتتألم اوي يا عيني ويجي واحد براس يقولك هي الست بتعمل إيه يعني!
وحينما تخيلت أنها ستكون مكان ليال بعد شهر تقريبا أحست بالفزع يفرض زمامه عليها
لتهز رأسها نافية پخوف طفولي أضحك بدر
يعني انا هحس باللي هي حاسه بيه دلوقتي! لا لأ مش عايزه اولد
وحينما نظرت لبدر ووجدته يضحك ضړبته بقبضتها الصغيرة وهي تغمغم بحنق
على فكره
أنت بني ادم مستفز امشي من قدامي
فتلاعب بدر بحاجباه يشاكسها وهو ينظر نحو بطنها المتكورة
زتونة بتتكلم انا اول مرة اشوف زتونة بتتكلم!
لتضحك أيسل هذه المرة رغما عنها وقد نجح في أن ينتشلها من بقاع خۏفها الفطري ولو لدقائق......
بينما في الداخل يقف يونس جوار ليال والقلق والخۏف يفتك به وهو يرى الألم المحفور على ملامحها وفي نفس الوقت
يحمد الله أنهم كانوا في زيارة للقاهرة بعد أن أصرت ليال على زيارة المعز وجاء موعد ولادتها دون مقدمات ليسحبها نحو المستشفى بعدما اتصل ببدر......
إنتبه لها حينما اشتدت قبضتها على يده وهي تصرخ فيه قائلة
هاتلي ابويا انا عايزه ابويااا دلوقتي
فهز يونس رأسه بتوتر
هجيبه ازاي بس يا حبيبتي دلوقتي تقومي بالسلامه وهبعت حد يجيبه حاضر
لتهز ليال رأسها وتزمجر فيه بانفعال ووجه محمر
لأ بقولك دلوقتيييي مش هولد الا اما يجي
فداعب يونس خصلاته السوداء بيده يزفر بعمق قبل أن يتمتم بسرعة
حاضر يا حبيبتي حاضر
وبالفعل خرج يونس ليخبر بدر بعنوان حامد ويؤكد عليه ألا يأتي من دونه ويقنعه إن رفض بأي طريقة وبالطبع لم يتأخر بدر بل إنطلق على الفور.....
وبعد فترة......
وصل كلا من حامد وبدر المستشفى كان حامد يسير بملامح متجهمه كانت قناع يخفي به لهفته في رؤية ابنته وحفيده.... رفض في البداية أن يأتي نعم وعقله يرفض رؤيتها مرة اخرى كما اقسم.... ولكن تلك النغزة القاسېة بالشوق لرؤيتها بعد حرمان
طال وهو الذي عاش نصف عمره وهي جواره و الشوق لرؤية حفيده ايضا لم يستطع السيطرة عليها لتفجر بؤرة الفطرة التي كان يكتمها......
وبمجرد وصوله هو وبدر سمعوا صوت بكاء الطفل معلنا وصوله تلك الدنيا ليصبح الخيط الذي سيسد تلك الرقعة بين والدته وجده...!
خرج يونس يحمل طفله بين ذراعاه بفخر وحنان أبوي يغدقه لأول مرة وهو يردد لهم برأس شامخة
يزيد يونس البنداري..!
فتوالت عليه التهنئة من بدر وأيسل التي برقت عينيها وهي تراقب ذلك الصغير ليتقدم يونس نحو حامد ودون كلمة كان يمد يده بالطفل نحوه وبعد لحظات تردد إلتقطه حامد بيدان مرتعشتان وقد ھجم عليه ذلك الطوفان من المشاعر ليقتلع سواد الحقد من جذوره....
ولم تكن تلك النهاية بل كانت مجرد بداية جديدة..!
تمت بحمد الله
ودمتم متابعين