عينيكي وطني وعنواني بقلم امل نصر

موقع أيام نيوز

..فالتفتت والدتها نحو شروق قائلة
وانتي كمان..اخلصي في لبسك واستعجلي في الخروج .. جاتكم القرف 
بصقت كلماتها وخرجت تصفق الباب خلفها بقوة على الفتاتين .
...............................
بعد قليل خرجت مضطرة إليهم فى صالة المنزل كانوا جالسين والدتها على مقعد وحدها وعلى الاريكة امامها كانت المرأه البيضاء ذات العيون الملونة بجوار شروق التى سبقت فى الخروج إليهم ..تداعبها وتتحدث معها بفرح وفي الجهة الاخرى كان ابيها والمدعو علاء الذي إرتفعت عيناه إليها فور خروجها من الغرفة جالسان على أريكة وحدهم .. حينما اقتربت منهم رحبت برزانة 
السلام عليكم .
ياحبيبة قلبى انت اخيرا شوفتك .
بسم الله ماشاء عليكي .. دا انت قمر انت كمان .. انا المرة اللي فاتت كنت تعبانة و ملحقتش اتحقق من جمالك ياحبيبتى.
أومأت برأسها وهي تنزع نفسها عن المرأة بلطف قائلة 
شكرا ياطنت .. شكرا على زوقك .
بتشكريني على إيه بس ياحبيبتى.
همت لتغير وجهتها في السير ولكن نبرة والدتها وهي تأمرها أمامهم بنظرات محذرة فهمتها وحدها 
سلمي على علاء يافجر .
تمتمت ټشتم بداخلها وهي تتقدم نحوه .. وقد نهض عن مقعده واقفا باحترام ليصافحها .. حينما اطبقت كفه الدافئة كفها الصغيرة والباردة .. كانت تننوي انتزاعها فى الحال ولكنه أجفلها بضغطه الخفيف عليها لترفع عيناها اليه ناظرة لعيناه بتساؤل..قال هو بصوت أجش وقد غابت عن وجهه التسلية المعتادة وحل محلها مشاعر اخرى غامضة عليها 
دي أول مرة نتعرف بجد.. أنا تشرفت بيكي ياأنسة فجر.
اومأت بعيناها وهي تنزع يدها لتستدير وتعود لغرفتها ولكنها أجفلت مرة ثانية عندما جذبتها والدته لتجلسها بجوارها من
الناحية الأخرى فتحيط الاثتنان بذراعيها.
اقعدي ياحبيبتى هنا معايا زي اختك.. ربنا يفرحني بيكي انت كمان عن قريب يارب .
حينما رفعت عيناه فجر ولمحت نظرة زهيرة وهي تنتقل بحالمية منها وإلي ابنها المبتسم امامها ..عرفت مايدور بعقل المرأة جيدا !!
...........................
بملامح متجهمة وقفت امام المراه تعدل وشاحها الحريري لتغطي به شعرها بعد ان ارتدت عبائتها السوداء الغالية ..رمشت عيناها مجفلة من صوته الذي صدح خلفها فجأة وهو خارج من حمام غرفته .
ايه ياحلوة انتي لحقتي تغيري وماشية 
زمت شفتيها امتعاضا ولم ينطق لسانها بكلمة.. مال إليها برأسها فقال بخشونة
ما بتروديش ليه يابتالقطة كلت لسانك 
الټفت اليه بنيرانها فخرج صوتها الحانق 
انت مش خدت اللي انت عايزه خلاص ..عايز مني ايه تاني بقى
أمسك ذراعها فجأة فباغتها ان لفه خلف ظهرها ..وقال وهو يجز على اسنانه 
حسك ده ما يعلاش عليا ياعين امك..ولا انتي العيشة المرتاحة ولا الأكل الحلو نسوكي نفسك ونسوكي ان انا السبب في ده كله
قالت پألم 
سيبي إيدي ياسعد انا ماغلطتش فيك ..عشان تذلني وتكسر نفسي كده .
ضغط اكثر ليزيد من ألمها ونبرته ازدادت حدة 
ماقولتليش بلسانك.. لكن انا حسيتها بفعلك وانتي قرفانه من لمستي ..وبتعدي الثواني عشان تهربي من خلقتي .. ولا انتي فاكراني مافهمش طريقتك دي يابت.
قالت برجاء مع هذه الألم المتزايد 
حرام عليك ياسعد دراعي هاينكسر في إيدك .
تركها فجأة فارتدت للخلف تدلك ذراعها وهي تتابع 
انت ليه مش حاسس بالوضع اللي بقيت فيه دلوقتأنا معدتش فاضية زي الأول..انا بقيت ست متجوزة .
ابتسم بزاوية فمه قائلا بسخرية وهو يتقدم ليجلس على التخت 
فرقتي إيه يعني عن الأول بقيتي محترمة مثلا
إرتسم الألم جليا

على وجهها وهي تكبح بصعوبة دمعة احتجزت داخل مقلتيها.. فقالت
انت مش ملاحظ انك مصمم على چرحي من اول ماجيت وكأنك بټنتقم مني في ذنب انا معملتوش .
أشاح بوجهه عنها وهو يتناول سېجارة من علبته ويضعها في فمه ليشعلها بقداحته بعد ان شعر بنصل كلماتها وقد أصابه في الصميم ..ظلت صامتة تنظر اليه وهو ينفخ دخان سيجارته في الهواء أمامه..فقالت
شكلي كده قولت الحقيقة..عشان تعرف بس إني فاهماك كويس .
نظر إليها بازدراء قائلا 
انتي مش كنتي عايزة تمشي ..ماتجري عجلك بقى واخلصي..مستنية إيه
تحركت بتمهل تتناول حقيبتها وتتحرك للخروج وفور أن وضعت يدها على مقبض الباب ..أوقفها قائلا 
إستني عندك .
الټفت اليه بكليتها مجيبة
نعم عايز إيه 
حسين ابن جوزك ..خطب البت جارة اخوه علاء ولا لسه 
اجابته رغم دهشتها
بكرة ان شاء الله رايحين يتقدموا رسمي ويتفقوا على حفلة خطوبة قريب .
شاح بوجهه يصرفها من تحت اسنانه 
خلاص غوري .
لوت شفتيها قائلة بتهكم 
ياريت بس نظرة القرف اللي شايفاها في عينك دي .. تمنعك ماتتصل بيا تاني ولا تطلبني أجيلك ڠصب عني .. حل عني بقى ياأخي عايزة اعيش .
تمتمت الأخيرة بصوت بطئ وهي تفتح الباب فخرجت من الغرفة والشقة نهائي .. تاركته ينظر في أثرها عاقد الحاجبين بملامح غاضبة لا تنبئ بخير. 
..........................
في المساء وبداخل غرفتها كانت جالسة على التخت مع صديقتها العزيزه سحر والتي كانت تضحك دون توقف ..أثارت استياء فجر وهي تهتف عليها 
ما كفياكي بقى ياسحر ..انت مش ناوية توقفي في يومك ده النهاردة
هههههه مش قادرة اتخيل منظرك يافجر وانتي زي الفار المبلول وسطهم.. أمك تبحلقلك من ناحية والست وابنها يرسموا عليكي من ناحية.
صاحت بها فاقدة التحكم
دا بعيونهم دول كمان ..قال يرسموا عليا قال .
توقفت ضحكها وهي تغمز بعيناها بمشاكسة
بس الواض حلو اوي يافيفي .. ويستاهل التفكير بصراحة. 
هبت ناهضة عن الفراش قائلة پغضب 
الكلام ده مافهوش هزار ياسحر ..ماتخلنيش ازعل منك .. مش كفاية الحصار اللي بقيت حساه منهم .. وهما فارضين نفسهم علينا بالعافية واكنهم بقوا جزء من عيلتي. 
قالت سحر بيأس 
للأسف يافيفي هما فعلا بقوا جزء من عيلتك من ساعة ما والدك وافق بالنسب معاهم .
إلا انا .
قالتها بمقاطعة وتابعت 
مهما حصل ياسحر ..أنا لا يمكن استسلم للناس دي وانسي اللى أذوني في أعز واحدة كانت على قلبي.. لا يمكن هانسى عڈابها قبل ما تسيب الدنيا خالص وټموت بسببهم .لايمكن. 
قالت سحر مغيرة دفة الحديث لتخرج صديقتها من داومة زكريات لچروح قديمة لم تشفي منها أبدا رغم مرور السنوات.
صحيح يابت فجر ..كان شكله إيه الراجل ده اللي قولتي عليه امبارح 
راجل إيه 
الراجل مدير المستشفى.. إنتي نستيه 
همت لتجيب ولكنها اجفلت على صياح والدتها وهي تهتف عليها .
بت يافجر ..تعالي هنا برة الاؤضة عايزاكى .. إسحبي معاكي مقصوفة الرقبة سحر وهاتيها .
شقهت سحر مندهشة 
انا مقصوفة رقبة !
اخلصي يابت ..تعالي انتي وهي. 
يانهار اسود.. هببتي أيه ياسحر دي امي عمرها ما عملتها .
نهضت عن التخت متمتمة 
والنعمة ماعملت حاجة.. يكونش زعلت عشان سيبت امي معاها لوحدها!
.............................
حينما خرجت الاثنتان للصالة القريبة ..وجدن سميرة جالسة على إحدى المقاعد وعيناها المشټعلة مسلطة عليهم تطلق شرارات حاړقة بوجههم .. بجوارها كانت رجاء حاجبة وجهها بين كفيها وجسدها يهتز كأنها تبكي بحړقة .
هو في إيه ومالها خالتي رجاء 
كان سؤال فجر التي تجاهلتها والدتها وهى تطلق سهامها تجاه سحر مباشرة 
مش موافقة تراضي امك ليه يابت
اجابت سحر بإجفال 
ها ..انا ياخالتي سميرة 
ايوة انت .. يعني عشان مدرسة وكلمتك ماشية يبقى بقى تتكبري بقى على والدتك وماترضيهاش فى حاجة تافهة زي دي .
تابعت تنظر ببلاهة لوالدتها التي كانت تجفف دماعتها بمحرمة ورقية وسميرة التي أكملت بغيظ 
بت ياسحر ..انت زيك عندي زي الزفتة اللي واقغة جمبك دي .يبقى كلمتي انا تمشي عليكى ولا لأ.
هزت برأسها بحركة غير مفهومة وهي تمتم 
أكيد تمشي ياخالتي سميرة ..بس انا مش فاهمة حاجة. 
صاحت عليها بحزم 
عنك مافهمتي.. انت تروحي البيت مع امك دلوقتي تحضري هدومك وبكرة الصبح تسافري معاها على البلد عدل.. سامعاني ..ولا انت عشان امك غلبانة هاتحطي عليها .
تلجم لسانها عن معارضة سميرة وهي تحدق بوالدتها التى تنظر اليها ببرائة ..فهمست بداخلها وهي تعض على لسانها غيظا 
بقى دي غلبانة دي !
..
بخطوات مثقلة وذهن مشتت تخطت الباب الخارجي للمدرسة.. لاتتمنى العودة للمنزل الذي هي واثقة تمام الثقة الان ..أنه اصبح خلية نحل تعج بالأهل والأقارب والجيران وهن يتضافرن مع والدتها لمساعدتها والتهنئة لحفل الخطوبة الذي تقرر إقامته فوق سطح المنزل..لقد تمكنت من الخروج صباحا بأعجوبة ..متحججة بوضع طارئ في المدرسة لا تستطيع الإفلات منه أو التغيب عنه ..فهي أرادت الخروج وبشدة لتتنفس هواء اخر .. بعيدا عن محيط هذا الرجل الذي توغل بخبثه داخل عقول أفراد أسرتها .. أسبوع كامل مر على خروج إبراهيم من المشفى وهذا الرجل يأتي يوميا للإطمئنان عليه ومداعبته..فتعلق
بيه الطفل الصغير كما تعلق به من قبل

أبيها ووالدتها..كما تعلقت به شقيقتها شروق الذي اعتبرته أخيها من وقت ان قرأت فاتحتها على أخيه حسين ..وكأنها كانت تنتظره طويلا ليقوم معها بدور الشقيق الأكبر .. فاندمجت الأسرتان بكمياء نادرة وأصبحت الشقتان مفتوحتان أمام بعضهم وكأنهم عائلة واحدة .. لم يتبقى لها في المنزل سوى غرفتها المحصنة عنه وعن والدته التى كلما رأتها لمحت لها بسذاجة وكأنها لاتفهم مايدور بعقل المرأة.. كل ما تمر به الان فوق طاقتها وفوق إحتمالها.. حتى صديقتها الغالية سحر التي كانت تلجأ لها معظم الأوقات فتستطيع بذكائها وخفة ظلها ان تخفف عنها وتدخل السرور بقلبها ..إبتعدت هي الأخرى عنها مضطرة في رحلة سفر مع والدتها لبلدتهم لحضور حفل زفاف إحدى أقاربهم ولم تعد حتى الان .
تنفست بعمق وهي تعتلي الرصيف المؤدي لموقف الباصات حتى تستقل إحداهم ..فلا داعي للهروب أكثر من ذلك والتنصل من واجباتها تجاه أسرتها وشقيقتها فى مناسبة هامة كهذه .. تباطئت خطواتها حينما لفت نظرها وقوف هذه السيارة الرياضية باهظة الثمن بجانب الرصيف وبمنطقة كهذه تبدوا السيارة غريبة عن المكان وسكانه والمدرسة الحكومية أيضا.. قدمت بخطواتها تتخطاها دون ان ترفع عيناها ناحية السائق ولكنها توقفت مجفلة حينما سمعت من يهتف باسمها من الخلف عن قرب ..استدارات اليه فوجدته هو نفسه هذا الغريب مدير المشفى الذي رأته سابقا وسألها بكل جرأة عن فاتن .. وهو يترجل من السيارة بأناقة تليق به وبمكانته ..فقال بتردد 
ااا ممكن كلمتين لو سمحتي يا أنسة فجر
ظلت صامتة لبعض اللحظات مبهوتة لا تستوعب مطلبه.. فخطا يقترب منها قليلا يكرر
أسف لو خضيتك أو افتكرتينى مچنون.. بس انا بجد محتاج اتكلم معاكي ضروري. 
خرج صوتها المندهش تلوح أمامه بكفها 
تتكلم معايا في إيه بالظبط انا بيني وبينك إيه عشان يبقى في مابينا كلام ضروري
انا عارف ان مافيش مابينا حاجة ..بس انا غايب بقالي سنين طويلة عن البلد وكان يهمني اعرف منك......اللي مقدرش اسأل حد غيرك عنه ..ارجوكي اركبي معايا وانا اوعدك مش هاخد من وقتك كتير .
برقت عيناها وهتفت بحدة
اركب معاك فين انت اټجننت اعرفك منين انا عشان اخرج معاك واكلمك عن اللي فاتك فى سنين غربتك بعيد عن البلد .
تكلم بمهادنة وقد كان حديثه يبدوا كرجاء
انا اسف حقيقي بجد .. بس لو مش عايزة تركبي معايا خلاص ممكن ندخل الكافيه اللي موجود هناك
تم نسخ الرابط