عينيكي وطني وعنواني بقلم امل نصر

موقع أيام نيوز

الليلة لوقفتك مع الجيران ..دا دي لوحدها كبيرة قوي عندي ..خصوصا إنهم ناس غريبة عنك ومتعرفهاش .
قال أدهم بحزم 
مدام جيرانك يبقوا مش اغراب ولا حاجة ..ثانيا بقى أنا سألت كويس عن الناس دي وعرفت إنهم ناس محترمين قوي .
نقل عيناه عن الطريق لينظر فجأة لأبيه قائلا بجدية
هو انت فعلا سألت عنهم 
قال بثقة 
طبعا سألت عنهم أمال يعني اسيب ناس تدخل لوالدتك وانا مش عارف أصلهم ايه ولا فصلهم 
عاد للطريق وهو يمط شفتيه قائلا 
والدتي !! قولتلي بقا.
عند هذه النقطة غير دفة الحديث فجأة وهو يسأل صديقه الغارق فى افكاره وهو ناظر لخارج الطريق من النافذة 
سرحان في ايه ياسعد انت كمان 
اجفل من شرود قائلا
هااا .. إنت بتكلمني ياعلاء 
قال الحاج أدهم ساخرا 
هه ياسعد دا انت مش معانا خالص ..إيه اللي واخد يابن مدبولي 
بشبه ابتسامة أومأ برأسه ولم يجيب وهو يعود لأفكاره مرة أخرى. 
عندما توقفت السيارة امام المنزل الذي احتل بمساحته قطعة كبيرة من الحارة.. وجدها فى شرفتها تنظر اليهم بترقب قبل ان تتركها وتنزل سريعا إليهم .. ترجل أدهم من السيارة وهو يدعوا ابنه للدخول
مش هاتنزل تشرب الشاي حتى 
قال بجمود 
معلش يا والدي خليها مرة تانية.. الدنيا ليلت .
وافرض حتى الدنيا ليلت مش بيتك ده وبيت ابوك تعالى ادخل انت وصاحبك. 
خرج صوت سعد من الكرسي الخلفي 
خليها مرة تانية ياعم أدهم وانا هاجيبه بنفسي ونقعد معاك .
قبل ان يرد أدهم جاء صوتها المتلهف 
حمد الله على السلامة ياحج .
سك علاء على فكه غيظا من وقفتها على باب المنزل بزبنتها المتكلفة وعبائتها البيتيه الخفيفة غير مقدرة لمكانة ابيه الرجل الوقور ..فقال بغيظ 
عن إذنك ياولدي يادوبك اوصل سعد على بيته دا زمانه والدته قلقانة عليه .
ماشي ياعلاء ..تصبح على خير .
قالها أدهم وهو يصفق باب السيارة پعنف.. ليذهب الى زوجته التى استقبلته بقلق مبالغ فيه 
كده برضوا ياأدهم تسيبنى كده على اعصابي وانا هاموت من القلق عليك.. هو إنت إيه اللى

أخرك الوقت دا كله 
اغلق باب المنزل خلفه قائلا بسأم 
بعدين يا نيرمين..هاقولك بعدين ..بس سيبني بس اريح شوية الاول .
مصمصت بشفتيها حانقة وهى ناظرة فى اثره بعد ان تركها وسط البهو الكبير .
.....................
وبداخل السيارة تكلم سعد اخيرا بانتباه الى صديقه
احسن حاجة عملتها ياعلاء .. عشان انا عايزك فى موضوع ضروري.
موضوع ايه اللي ضروري ياسعد احنا دخلنا فى نص الليل وانا على أخري. 
قال برجاء 
معلش والنبي ياعلاء اتحامل على نفسك نص ساعة بس واسمعني .
تأثر علاء برجاء صديقه فقال 
ماشي ياسعد ..تحب نقعد فين بقى 
أجاب سريعا بلهفة 
عند القهوة اللى ورانا بيتنا ..دي بتبقى فاتحة للصبح .
بعد نصف ساعة وبعد ان سرد سعد ما يطلبه وانتظر رد صديقه الذي بهت وجهه لبعض الوقت قبل ان يقول اخيرا
انت متأكد من طلبك دا ياسعد 
و انا يعني لو مش متأكد هاطلب منك ياعلاء 
كان يحاول جاهدا انتقاء كلماته 
ياسعد افهمني ..البت صغيرة اوى عليك .. دا غير كمان ظروف اخوها. 
قال سريعا
ان كان على ظروف اخوها فالواض اكيد بكرة يتحسن .. وان كان على سنها فدي مش مشكلة لو انت اتدخلت بشطارتك معاهم ..انا عرفت انهم بيعزوك من معاملتهم ليك.. وحسب ماعرفت انهم عيلة على قدهم ومتوسطة الحال.. وانا زي ما انت عارف ظروفى مشيت كويس دلوقتى وبقيت اكسب كويس من ورشتي .
ياحبيبي انا عارف كلامك ده .. انا بس مش عارف افاتحهم ازاي والله
قال برجاء مع اصرار شديد ارتسم على وجهه 
بقولك إيه ياعلاء ..انا قصدتك وانت صاحبي..ارجوك بقى اقف معايا فى الموضوع ده..انا من ساعة ماشوفت البت وانا قلبي اتعلق بيها.. وبجد بقى لو انت صاحبي بجد وحقيقى توقف معايا في موضوع جوازي من شروق !!
.....
بالغرفة البيضاء كانت الأسرة جميعها مجتمعة حول إبراهيم الذي استعاد عافيته قليلا ليعي جيدا حديثه مع اسرته ..والدته بالكرسي المجاور لرأسه تطعمه بيدها وزوجها جالس على طرف التخت.. أما الفتيات شقيقاته فجر وشروق بجواره من الناحية الأخرى.. يداعبنه بالأحاديث الطريفة.
قالت شروق بمشاكسة
طبعا ياعم انت هاتعيش الدور بقى علينا طول الإيام إللي الجاية دي.. اكل ودلع ونوم فى السرير براحتك ولا دراسة بقى ولا قرف .
كان رده ابتسامة ممتعضة أثارت ضكك الجميع فقالت فجر بمرح هي الأخرى 
يالهوي عالعسل لما يكشر بوشه .
اللتفت إبراهيم مخاطبا لأبيه 
ماتشوف بناتك ياعم الحج دول اللي بيستظرفوا على ابنك العيان . 
سمع منه شاكر فقال لهم حازما بابتسامة
بس يابت انت وهي..خلوا عندكم ډم بقى وبلاش غلاسة على الولد..يعني مش كفاية انه عامل حاډثة ومدشدش ..كمان انتوا تيجوا عليه .
ضحكت الفتاتان مرة أخرى مما اثرن ضيق إبراهيم الذي قال لوالده بعتب 
حتى انت ياعم الحج بتقلش عليا مكانش العشم ..ماتشوفي الجماعة دول يا ست ماما .
ناولته قطعة من الفاكهة ليأكلها بفمه وهى قائلة بابتسامة
سيبك منهم ياحبيبي وخليك فى صحتك انت.. دول عالم فاضية .
رددت فجر خلفها 
احنا برضوا ياست ماما عالم فاضية 
ايوة عالم فاضية ورايقة كمان .
قالتها سميرة بتأكيد قبل ان تلتفت على من أطل برأسه محييا 
صباح الخير عليكم.
رد الجميع عليه التحية عدا فجر التي خبئت ابتسامتها.. فتقدم هو لداخل الغرفة قائلا بحبور
عيني باردة عليك ياابراهيم .. اخبارك إيه النهاردة يابطل 
الحمد لله كويس انا النهاردة يامعلم علاء .
اقعد يابنى انت هاتقعد واقف.
قالها شاكر وهو يشير بيده على إحدى المقاعد .. أجفل علاء الذي كانت مازالت عيناه عالقة ناحيتها ..تحرك ليجلس امامهم وهو يقول 
انا لسة جاي من عند الدكتور دلوقتي وطمني على حالة إبراهيم.. دا بيقول انه خلاص ممكن يخرج النهاردة او بكرة بالكتير .
ايوة يابني صحيح زي ماقالك كده ..بس انا زعلان من والدك ..عشان دفع حساب المستشفى من غير مايقولي .
جحظت فجر عيناها ڠضبا
اما علاء فقد ردد خلف ابيها سائلا
ابويا انا دفع! امتى ده 
جاوبته سميرة 
النهاردة الصبح يابنى وصل مع اخوك حسين وقعدوا شوية مع إبراهيم قبل ما يخرجوا مع شاكر .
هو حسين خرج بدري شوية عشان كان وراه مشوار مهم ..والدك بقى فضل معايا حبتين زيادة لكنه ماجبليش سيرة نهائي ..عرفت انا بالصدفة من حسابات المستشفى بعد هو ما مشي .. بس ليه كده يابني دي الحال مستورة والحمد لله .
قال علاء بابتسامة صافية امام نظرات فجر التى اشټعل الڠضب داخلها 
وماله ياعم شاكر دا احنا اهل .
بعد هذه الجملة فقدت السيطرة ولم تعد تقوى بعدها الصمود 
عن اذنكم !
رايحة فين يابنت 
انصرفت سريعا ولم تكلف نفسها عناء الرد على والدتها التى قال مندهشة فى أثرها
هي البت دي خرجت وراحت على فين 
اجابتها شروق وهى تتحرك للخروج ايضا 
تلاقيها بس عندها مكالمة مهمة ولا حاجة..انا رايحة اشوفها .
قال علاء وهو ينظر في اثر شروق هي الأخرى رغم تغيره من موقف فجر 
طب انا كمان كنت عايزك فى موضوع مهم ياعم شاكر ..بمناسبة ان ربنا نجا إبراهيم وخلاص خارج قريب ان شاء الله من المستشفى. 
...........................
بخطوات مسرعة كانت تهتف للحاق بها 
استنى يافجر

بقى شوية انتى ايه قطر 
الټفت لشقيقتها وسط رواق المشفى قائلة بحدة 
يعني عاجبك اللي بيحصل ده ياشروق 
قالت شروق بصوت خفيض وعيناها تدور على البشر المتناثرين حولهم 
وطي صوتك يافجر الناس واخدة بالها .
زفرت بداخلها وهي تحاول السيطرة على الڠضب المتصاعد داخلها فقالت مابين اسنانها 
انا هافرقع من الغيظ ياشروق ..الناس دي بقت فارضة نفسها علينا بشكل مستفز وأبوكي وامك قابلين وساكتين ..هو في ايه بالظبط
قالت شقيقتها بنفي رغم مايدور بعقلها 
وانا هاعرف منين يعني ما انا زيي زيك 
مالكم واقفين هنا ليه 
الټفت الاثنتان على سحر وقد اصبحت امامهم فتابعت مازحة
اوعوا تقولولي انكم اټخانقتوا هنا فى المستشفىلأ عيب نفرج الناس علينا. 
تبسمت شروق للمداعبة اما فجر فقالت 
كويس انك جيتي ياسحر ..اصل انا بصراحة مخڼوقة ونفسي ارغي معاكي وافك شوية .
همت لتتكلم ولكنها صمتت متسمرة وهي ترى علاء وهو خارج مع شاكر من حجرة إبراهيم فقالت ذاهلة 
يانهار أبيض.. مين الحليوة دا اللي خارج مع ابوكي يافجر
قالت حانقة 
حتى انتي كمان ياسحر 
.............................
على طاولة مستديرة جلس الاثنان بداخل كافتيريا المشفى بناء على طلب علاء الذي تلعثمت الكلمات داخل فمه وهو يدعوا الله ان ينتهي من هذه المهمة الثقيلة .
يابني ما تتكلم ساكت ليه انت مش قولت عايزني في موضوع مهم 
تحمحم يجلي حلقه فقال بحرج 
أسف ياعم شاكر بس انا مكسوف صراحة عشان الظرف يعني.. لكن اعمل إيه بقى في صاحبي اللى قصدني وشدد عليا عشان افاتحك .
صاحبك مين وعايزك تفاتحني فى ايه 
صاحبي سعد وهو...قصدني فى موضوع نسب معاك..
قاطعه شاكر قائلا ببساطة
قصده يعنى على فجر ..ومالك يابنى محرج ليه ما انا على طول الناس بتفاتحنى عنها .
شعر بشحنة من الڠضب اندفعت بداخله فجأة وهو يقول بحدة 
لا طبعا هو مايقصدتش فجر 
امال هو قصده على مين...معقولة يقصد شروق 
اومأ برأسه وهو يتابع
انا عارف انه اكبر منها بيجى عشر سنين على الاقل ..بس هو انسان محترم وعشرة عمر و.......
صمت عن اكمال جملته وهو يرى شاكر الذي كان يضحك بدون سبب .
هو انا قولت حاجة تضحك ياعم شاكر 
قال معتذرا وهو ينهي ضحكته 
معلش يابني ما تأخذنيش اصل شروق العريس التاني يتقدم لها فى نفس اليوم..والعجيب بقى انه كمان من طرفك برضوا ويخصك
قطب سائلا بدهشة 
تقصد بمين إنه من طرفي ويخصني 
قال شاكر بابتسامة
يعني انت متعرفش ان والدك الحج ادهم المصري طلب إيد شروق النهاردة لحسين اخوك 
وكأن دلوا من الماء البارد سقط على رأسه لم يعرف يرد على الرجل ولو ببنت شفاه ..فتابع شاكر 
دا حتى بالأمارة طلب مني افكر براحتي انا والبنت على ما يخرج ابراهيم بالسلامة من المستشفى وبعدها تبقى الزيارة رسمي.
تصبب العرق فوق جبهته من هذا الموقف الحرج فسأله بتوتر
طب انت كده هاتوافق على مين فيهم ياعم شاكر 
شوف يابنى انا هاعرض الموضوع على البنت وهي بقى اللي تقول رأيها ..ان كانت موافقة على واحد فيهم ولا هاترفض الاتنين .
بلع ريقه فقال بتوتر 
طبعا دا حقها أكيد .
...............................
حينما انهى مقابلته مع شاكر ..خرج سريعا من الكافتيريا وكأن الشياطين تلاحقه .. يريد الخروج من المشفى واستنشاق هواء طبيعي ..فطوال سنوات عمره التي تعدت الثانية والثلاثون لم يتعرض لمثل هذا الحرج.. كيف لأخيه ان يفعل هذا ويتقدم لخطبة الفتاة جارته دون حتى ان يخبره .. ولسخرية القدر يتم هذا الان بعد اظهار سعد صديقه نيته الواضحة للزواج بها ..فكيف يكون وضعه حينما تختار واحد منهم دون الاخر ..في اية جهة يقف الان
حاسب ياأخينا.
خرجت بخشونة من أحد الأشخاص الذي كاد أن يصدم به.. تراجع فورا للرجل ليذهب من جواره .. استدرك نفسه وهم ليكمل طريقه ولكنه توقف مبهوتا لهذه الأعين المسلطة عليه وهو يقف أمامه
تم نسخ الرابط