عينيكي وطني وعنواني بقلم امل نصر

موقع أيام نيوز

بنشتغل فيه زمان انا والبنات قبل مايفلس.. شوفت الدنيا بقى اهي لما داقت عليا ملقتش غيره.
معلش ياأمينة ماتزعليش .. هادبرلك انا حتة تاني تنامي فيها .
اغلقت المكالمة وهي تتمنى بداخلها ان يفي بوعده معها.. فقد احتمت هي بجدارن المصنع لمعرفتها الأكيدة من مداخله ومخارجه ولكن البرودة نخرت عظامها ليلة أمس ولا تريد تكرار مأساتها .. ولكن مهلا .. هذا سعد! 
انسيت هي من هو سعد
انتفضت فجأة تتناول هاتفها بدون تفكير لتضغط على احد ارقامه سريعا.. فاجابها الطرف الاخر.
الوو... ابوة ياأمينة ازيك.
التوتر مع تشتت نظراته.. بالإضافة الى العرق الذي انتشر على جبهته وبعض مناطق بشرته.. جميعهم أظهروا حجم صعوبة ما ينوي التفوه به.. وهي جالسة أمامه بصمت في انتظار سماعه ومعرفة سبب صرفه لفجر وعصام وطلبه الجلوس معه بمفردها.
انا مش عارف ابدأ كلامي معاكي ازاي بس بصراحة مكنتش اتوقع انها حاجة صعبة اوي كدة.
قطبت مندهشة من كلماته فسألت 
هي إيه اللي صعبة بالظبط
تنفس بعمق قليلا قبل ان يجيبها وهو ينظر اليها مباشرة
الإعتراف بالغلط يافاتن.. انا من ساعة ماعرفت من فجر امبارح انك لسة عايشة وما موتيش.. ودماغي بتعيد وتزيد في اللي حصل مني معاكي من عشر سنين.
اللي فات ماټ ياعلاء وكل حاجة نصيب
قالت فقاطعها هو ملوحا بكفه
معلش ارجوكي سيبيني اكمل.. انا عارف اننا مكنش لينا نصيب في بعض.. لكن انا بتكلم عن غلطي في حقك.. من اول صداقتي بواحد ابن...... ضيع مستقبلك بفتنة كبيرة عملها و صدقتها انا بغبائي لغاية اهانتي و طردي ليكي من المحل.
خرجت كلماته الاخيرة بخفوت وهي شاحت بعيناها قليلا تؤلمها الذكرى.. قبل ان تعود اليه مقاطعة
ممكن ماتجيبش السيرة دي تاني.. لان انا بصراحة كييفت نفسي عشان اقدر اعيش.. اني انساها واشطبها نهائي من حياتي.
اومأ برأسه موافقا 
عندك حق.. بس دا بالنسبالك عشان كنت انت الضحېة.. لكن بالنسبالي انا لايمكن هاقدر انسى.. اني كان ليا يد في ظلمك حتى لو مش بالقصد..
صمت قليلا ثم اردف
انا بعتذرلك يافاتن وبتمنى انك تسامحيني عشان اقدر اعيش انا كمان.
ابتسمت قائلة
ان كنت انت غلطت في صداقتك بواحد زي سعد.. فاانا كمان غلطت في حق نفسي لما هربت من بيت والدي وحطيت نفسي موضع شبهة لما جبرت عصام يخليني في شقته.. يمكن ساعتها بحكم سني كنت شايفة المبرر قوي عشان اهرب من جواز ابن عمي بجوازي منك.. لكن دا ما ينفيش غلطي..عشان كده بقولك انسى.
اطرق برأسه متأثرا بكلماتها التي القت على قلبه بعض الراحة.. ثم رفع راسه اليها قائلا 
عندها حق فجر تحبك اوي كدة.. دا انت لو شوفتيها في بداية معرفتي بيها.. مكنتش بتطيق تبص في خلقتي.. ولما كنت اجي اكلمها كان وشها يحمر ويخضر من الڠضب وتحسي كدة ان نفسها تولع فيا.
ضحكت من قلبها فضحك هو أيضا معها
المچنونة دي.. هي طول عمرها كدة حمقية أوي في اللي يخصها وميهمهاش.. بس انت باين عليك بتحبها اوي عشان دا ظهر من لمعة عنيك اللي طلت فجأة لما جبت سيرتها .
لم يرد ولكنه لم يقوي على اخفاء ابتسامة انارت وجهه لمجرد ذكر اسمها.. اردفت هي بكلمات خرجت من قلبها
ربنا يهنيكم ببعض ياعلاء.. انت تستاهلها وهي تستاهلك.
تنهدت بثقل وهي تستعيد كلماتها معه و التي

لم يمر عليها سوى دقائق.. ولكنها كانت كفيلة بفتح جراح الماضي وذكريات نقشت في القلب مرارتها.. هي تحمد الله انه وقف معها بأن وهبها من يأخذ بيدها ويعطيها فرصة أخرى للحياة بكرامة ولكنها لاتنكر خطئها الذي بسببه اعطى فرصة لهذا المچرم لفعل جريمته معها.
لحقتي تسرحي
اردف بها عصام وهو يعود لجلسته أمامها.. التفتت اليه هي بابتسامتها المعهودة ترد
انا لو مسرحتش وافتكرت اللي فات ابقى
متخلفة ومعنديش احساس.. انت ترضهالي دي
اطلق ضحكة مدوية نافيا بتحريك راسه
لا ياستي بعد الشړ عليكي من التخلف وعدم الإحساس.
.. بس انا شايفك يعني بتهزري اهو وعلاء كمان وشه اتعدل قبل مايمشي.. اسف يعني لو بتدخل.. هو الحديث مابينكم كان عن إيه
لا ياسيدي مافيش تدخل.. اصل الموضوع مش مستاهل يعني هو كان ضميره تاعبه من ناحيتي فكان عايز يعتذر وانا رديت عليه باللي يريحه.
اردفت بها..فكان رده أن سألها قاطبا بحيرة
وهو إيه اللي ريحه بالظبط
الحقيقة ياعصام.. هي ان غلطه فيا والمشكلة كلها كانت نتيجة غلطتي الكبيرة لما هربت من والدي من غير ما اقدر العواقب.. اللي مابينها كان ظلمك انت معايا .
بس انت ماظلمتنيش يافاتن.. انت واحدة كنت مغلوبة على امرك وانا بقى حاولت اساعدك بس الامور جات بنتيجة عكسية.
ردت مبتسمة بامتنان
انت بتقول كدة عشان قلبك طيب ياعصام.
قال متفكرا
مش حكاية قلب طيب.. بس انا مكدبش عليك يعني كل ما افتكر الموضوع دا وملابساته بستعجب قوي للي حصل رغم بشاعته.. لكنه خلاني اشوف كل حاجة قدامي بمنظور مختلف.. وعلى الرغم من مرور السنين دي كلها وسفري واختلاطي بناس اشكال والوان وجوازي وطلاقي من مراتي.. لكنه جعل صورتك دايما مطبوعة في خيالي وبتطاردني.. رغم ان الأول وربنا العالم.. مكنتش بشوفك غير حبيبة صاحبي.
قصدك ايه ياعصام بكلامك ده
سألت بحيرة وكان رده حاسما
قصدي انك تعرفيني كويس واعرفك.. واحنا كبار دلوقتي وفاهمين.. تقبلي تتجوزيني يافاتن 
...................................
انا برضوا قولت هالاقيكي هنا.
الټفت برأسها على صوته فبادلته نظرة حانقة قبل ان تعود بأنظارها الى رؤية الميدان امامها بمساحته الشاسعة.. مستندة بكفيها على سور السطح الأسمنتي دون أن ترد ببنت شفاه.
الله دا انتي زعلانة بجد بقى
اردف بها قبل أن يحاصرها بذراعيه من الخلف يضرب ظهرها بصدره العريض...ارتبكت مجفلة من فعلته فخرج صوتها بتوتر
ايه هو دا بقى احنا قاعدين عالسطح ياعلاء مش في بيتكم .
قرب وجهه من جانب رأسها يهمس 
طب وفيها ايه واحد ومراته ياستي حد لو حاجة عندنا
ردت من بين أسنانها
اه مراته اه.. معلش كنت ناسية.. اصلك مقدر قوي.
صمت يستوعب كلماتها ويتفحص تشنجها.. ثم ارتد للخلف قليلا ليديرها اليه قائلا 
لدراجادي انت زعلانة مني يافجر
التمعت عيناها الذابلة امامه تنذر بسقوط دمعاتها وهي تجاهد للتماسك فقالت بشفاه مرتعشة
انا قولت لعصام يبلغك اني متقبلة لأي قرار تاخده في علاقتي معاك.. يعني دا لو عايز ترجع لفاتن.. اصل انا عارفة وفاكرة قد أيه كنت بتحبها زمان.. فشئ طبيعي انك تحن لها بعد ما اتأكدت من برائتها.. انا مش عايزة اقف في طريقك والحمد لله اننا لسة على البر ومحسوبة قدام الناس خطوبة مش جواز.
خلصتي كلامك
سأل رافعا وجهها اليه لتقابل عيناه خاصتيها.. تشجنت تنزع يده عنها 
ارجوك ياعلاء تسمعني كويس وتفهمني انا بتكلم جد.. بلاش تتأثر بهيئتي ولا ضعفي قدامك.. كل شئ عندي يهون الا اني اتجوز راجل قلبه معلق بواحدة غيري.. المۏت اهون.
ومين قال بس اني لسة قلبي متعلق بيها ولا بحبها.
انت!
صړخت بها متابعة 
رد فعلك لما شوفتها وبعدها طلبت مني انا وعصام نسيبكم لوحدكم .
كان لازم اعتذرلها.. واسمع منها انها مسمحاني عشان اقدر اعيش حياتي انا كمان.
اردف صارخا واكمل يمسح بأبهاميه الدموع المتساقطة بغزارة على وجنتيها يردف بحړقة
حياتي معاكي انت.. عشان بحبك انت.. فاتن حبها كان راسخ في قلبي كانه شجرة مزرعة فيه.. لكن حبك انت كان الإعصار اللي نزعها من جدورها.. سامعة بقولك ايه انا لما شوفتها النهاردة ماشوفتش الحبيبة.. لا .. انا شوفتها واحدة عادية تنفع كأخت لمراتي اللي هي انت 
ردت بنبرة باكية
ايوة بس هي احلوت اوي.. دا عصام بنفسه قال عليها بطل.
رد بابتسامة 
وافرضي هي بطل.. فاانت عندي احلى من مېت بطل.
صح كلامك دا ولا بتكدب عليا عشان تراضيني
سألت برجاء وصوتها خرج بارتجافة.. رد هو مشددا على كلماته.
والله ياشيخة مابكدب عليكي.. دي كانت قصة وانتهت نهاية مؤلمة عشان مكانش لينا نصيب في بعض.. انا نصيبي معاك انت.. انت مراتي وحبيبتي وكل دنيتي.. فهمتي بقى ولا افهمك بطريقتي
اومأت برأسها.. بعد ان هدر الاخيرة عليها مهددا ولكنها اجفلت فجأة سائلة باستفسار
طريقتك إيه بالظبط اللي هاتفهمني بيها
قرب 
زي كدة مثلا..
شهقت مجفلة تنزع كفيه عنها 
يانهار اسود بتعمل ايه احنا عالسطح ياعلاء وورانا الميدان.
خلاص نبعد طيب مع ان محدش شايفنا من المسافة البعيدة دي أساسا.
اردف جملته وهو يسحبها بعيدا عن السور ولكنها تشجنت اكثر
هازعل منك والله بجد انا......

بقوة حتى ارتفعت قدميها عن الأرض هامسا بأذنها
وانا مايهونش عليا زعلك.
بعد ليالي طويلة ارقها القلق والخۏف من فقدانه.
...................................
في المنطقة الخلفية المهجورة من المصنع القديم دفعت بيدها الحرة الباب الصدأ وهي تتحاشى باقدامها الدهس على القمامة المكدسة والحيوانات المېتة.. دلفت وهي تحمل بيدها الأخرى لفة لبطانية وملائة سرير مع حقيبة نسأئية معلقة على الكتف.. تنهدت تلتقط انفاسها قبل ان تكمل طريقها للداخل حتى وصلت الى الركن الموصوف لها من قبل.. فتبسمت تجفلها حينما راتها جالسة امامها تعطيها ظهرها 
بتعملي إيه يأمينة 
شهقت الأخرى منتفضة وهي تلتف برأسها للخلف نحوها
حرام عليك يالبنى خضتيني.
خطت اليها ضاحكة 
سلامتك من الخضة ياغالية.. بتعملي ايه صح
باكل ياختي.. تعالي بسم الله.
لوحت بيدها إشارة نحو الطعام الملقى على فرشة من الجرائد.. القت لبنى مابيدها على الأرض لتجلس وتشاركها مردفة
وماله ياحبيبتي ناكل.. دا انا حتى وحشني الأكل معاكي. بتاكلي إيه بقى 
اجابت بفم ممتلئ بالطعام
طعمية وفول طبعا.. هايكون ايه يعني
ياختي رضا على رأي امي.. دا حتى في ناس مش طيلاهم .
اردفت بها لبنى قبل أن ترد امينة وعيناها مرتكزة نحو لفة الغطاء والحقيبة
انت جيبتي بطانية وملاية سرير.. ربنا مايحرمني منك يارب.. دا انا كنت هانشف من البرد امبارح.
نكزتها بخفة قائلة
هو انا عملت حاجة عشان تشكريني انت كمان.. دا ربنا العالم لو بإيدي لكنت اخدتك تبيتي معايا في شقتي بس امي بقى أسيبها لمين بعد ماسابها سعد لوحدها.. وفي نفس الوقت مقدرش اخدك معايا عندها.. حكم سعد بقى الله يسامحه شوه صورتك قدامها.
اومأت برأسها متفهمة تبتلع الطعام الذي وقف كالحجارة بحلقها..و تابعت لبنى 
بس انت ما ينفعش تعيشي هنا ياامينة.. اينعم المصنع مستور عن الشارع والعيون.. بس انت ماتضمنيش عيل شارب ولا بلطجي يدخلوا عليكي فجأة ولا ېأذوكي. 
دا وضع مؤقت يالبنى.. هي ليلة ولا اتنين بالكتير اكون اتصرفت ولقتلي أؤضة ان شالله عالسطح او في البدروم.
قالت لبنى وهي تتأمل المكان حولها
بس المكان اتغير خالص من وقت ماسيبناه.. الله يرحم ايام الشقا فيه وهزارنا وضحكنا مع البنات. انا وانت والمدعوقة نيرمين قبل ماتتفرعن وتشوف نفسها.
جارتها بشبه ابتسامة قبل ان تسألها برجاء
بقولك
ايه يالبنى.. هو ينفع تباتي معايا الليلة دي بس تونسيني.. حكم انا ليلة امبارح كنت هاشيب من الخۏف.
................................
عادت لمنزلهم وقد اشرق وجهها بعد جلستها الطويلة في العتاب ثم الصلح ثم كلمات الغزل والعشق التي اطربت اسماعها وطمأنت قلبها اخيرا بعد ليالي الشك والعڈاب..
تم نسخ الرابط